اللّهُمّ یَا مَنْ لَا
یَرْغَبُ فِی الْجَزَاءِ
وَ یَا مَنْ لَا یَنْدَمُ عَلَى الْعَطَاءِ
وَ یَا
مَنْ لَا یُکَافِئُ عَبْدَهُ عَلَى السّوَاءِ.
مِنّتُکَ ابْتِدَاءٌ، وَ عَفْوُکَ
تَفَضّلٌ، وَ عُقُوبَتُکَ عَدْلٌ، وَ قَضَاؤُکَ خِیَرَةٌ
إِنْ أَعْطَیْتَ لَمْ
تَشُبْ عَطَاءَکَ بِمَنٍّ، وَ إِنْ مَنَعْتَ لَمْ یَکُنْ مَنْعُکَ
تَعَدّیاً.
تَشْکُرُ مَنْ شَکَرَکَ وَ أَنْتَ أَلْهَمْتَهُ شُکْرَکَ.
وَ
تُکَافِئُ مَنْ حَمِدَکَ وَ أَنْتَ عَلّمْتَهُ حَمْدَکَ.
تَسْتُرُ عَلَى مَنْ
لَوْ شِئْتَ فَضَحْتَهُ، وَ تَجُودُ عَلَى مَنْ لَوْ شِئْتَ مَنَعْتَهُ، وَ
کِلَاهُمَا أَهْلٌ مِنْکَ لِلْفَضِیحَةِ وَ الْمَنْعِ غَیْرَ أَنّکَ بَنَیْتَ
أَفْعَالَکَ عَلَى التّفَضّلِ، وَ أَجْرَیْتَ قُدْرَتَکَ عَلَى التّجَاوُزِ.
وَ
تَلَقّیْتَ مَنْ عَصَاکَ بِالْحِلْمِ، وَ أَمْهَلْتَ مَنْ قَصَدَ لِنَفْسِهِ
بِالظّلْمِ، تَسْتَنْظِرُهُمْ بِأَنَاتِکَ إِلَى الْإِنَابَةِ، وَ تَتْرُکُ
مُعَاجَلَتَهُمْ إِلَى التّوْبَةِ لِکَیْلَا یَهْلِکَ عَلَیْکَ هَالِکُهُمْ،
وَ
لَا یَشْقَى بِنِعْمَتِکَ شَقِیّهُمْ إِلّا عَنْ طُولِ الْإِعْذَارِ إِلَیْهِ، وَ
بَعْدَ تَرَادُفِ الْحُجّةِ عَلَیْهِ، کَرَماً مِنْ عَفْوِکَ یَا کَرِیمُ، وَ
عَائِدَةً مِنْ عَطْفِکَ یَا حَلِیمُ.
أَنْتَ الّذِی فَتَحْتَ لِعِبَادِکَ
بَاباً إِلَى عَفْوِکَ، وَ سَمّیْتَهُ التّوْبَةَ، وَ جَعَلْتَ عَلَى ذَلِکَ
الْبَابِ دَلِیلًا مِنْ وَحْیِکَ لِئَلّا یَضِلّوا عَنْهُ، فَقُلْتَ تَبَارَکَ
اسْمُکَ تُوبُوا إِلَى اللّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبّکُمْ أَنْ یُکَفّرَ
عَنْکُمْ سَیّئَاتِکُمْ وَ یُدْخِلَکُمْ جَنَاتٍ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا
الْأَنْهَارُ.
یَوْمَ لَا یُخْزِی اللّهُ النّبِیّ وَ الّذِینَ آمَنُوا مَعَهُ،
نُورُهُمْ یَسْعَى بَیْنَ أَیْدِیهِمْ وَ بِأَیْمَانِهِمْ، یَقُولُونَ رَبّنَا
أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا، وَ اغْفِرْ لَنَا، إِنّکَ عَلَى کُلّ شَیْءٍ قَدِیرٌ.
فَمَا عُذْرُ مَنْ أَغْفَلَ دُخُولَ ذَلِکَ الْمَنْزِلِ بَعْدَ فَتْحِ الْبَابِ وَ
إِقَامَةِ الدّلِیلِ
وَ أَنْتَ الّذِی زِدْتَ فِی السّوْمِ عَلَى نَفْسِکَ
لِعِبَادِکَ، تُرِیدُ رِبْحَهُمْ فِی مُتَاجَرَتِهِمْ لَکَ، وَ فَوْزَهُمْ
بِالْوِفَادَةِ عَلَیْکَ، وَ الزّیَادَةِ مِنْکَ، فَقُلْتَ تَبَارَکَ اسْمُکَ وَ
تَعَالَیْتَ مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا، وَ مَنْ جَاءَ
بِالسّیّئَةِ فَلَا یُجْزَى إِلّا مِثْلَهَا.
وَ قُلْتَ مَثَلُ الّذِینَ
یُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِی سَبِیلِ اللّهِ کَمَثَلِ حَبّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ
سَنَابِلَ فِی کُلّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبّةٍ، وَ اللّهُ یُضَاعِفُ لِمَنْ
یَشَاءُ،
وَ قُلْتَ مَنْ ذَا الّذِی یُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً
فَیُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً کَثِیرَةً. وَ مَا أَنْزَلْتَ مِنْ نَظَائِرِهِنّ
فِی الْقُرْآنِ مِنْ تَضَاعِیفِ الْحَسَنَاتِ.
وَ أَنْتَ الّذِی دَلَلْتَهُمْ
بِقَوْلِکَ مِنْ غَیْبِکَ وَ تَرْغِیبِکَ الّذِی فِیهِ حَظّهُمْ عَلَى مَا لَوْ
سَتَرْتَهُ عَنْهُمْ لَمْ تُدْرِکْهُ
أَبْصَارُهُمْ، وَ لَمْ تَعِهِ
أَسْمَاعُهُمْ، وَ لَمْ تَلْحَقْهُ أَوْهَامُهُمْ، فَقُلْتَ اذْکُرُونِی
أَذْکُرْکُمْ، وَ اشْکُرُوا لِی وَ لَا تَکْفُرُونِ، وَ قُلْتَ لَئِنْ شَکَرْتُمْ
لَأَزِیدَنّکُمْ، وَ لَئِنْ کَفَرْتُمْ إِنّ عَذَابِی لَشَدِیدٌ.
وَ قُلْتَ
ادْعُونِی أَسْتَجِبْ لَکُمْ، إِنّ الّذِینَ یَسْتَکْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِی
سَیَدْخُلُونَ جَهَنّمَ دَاخِرِینَ، فَسَمّیْتَ دُعَاءَکَ عِبَادَةً، وَ تَرْکَهُ
اسْتِکْبَاراً، وَ تَوَعّدْتَ عَلَى تَرْکِهِ دُخُولَ جَهَنّمَ
دَاخِرِینَ.
فَذَکَرُوکَ بِمَنّکَ، وَ شَکَرُوکَ بِفَضْلِکَ، وَ دَعَوْکَ
بِأَمْرِکَ، وَ تَصَدّقُوا لَکَ طَلَباً لِمَزِیدِکَ، وَ فِیهَا کَانَتْ
نَجَاتُهُمْ مِنْ غَضَبِکَ، وَ فَوْزُهُمْ بِرِضَاکَ.
وَ لَوْ دَلّ مَخْلُوقٌ
مَخْلُوقاً مِنْ نَفْسِهِ عَلَى مِثْلِ الّذِی دَلَلْتَ عَلَیْهِ عِبَادَکَ مِنْکَ
کَانَ مَوْصُوفاً بِالْإِحْسَانِ، وَ مَنْعُوتاً بِالِامْتِنَانِ، وَ مَحْمُوداً
بِکُلّ لِسَانٍ، فَلَکَ الْحَمْدُ مَا وُجِدَ فِی حَمْدِکَ مَذْهَبٌ، وَ مَا بَقِیَ
لِلْحَمْدِ لَفْظٌ تُحْمَدُ بِهِ، وَ مَعْنًى یَنْصَرِفُ إِلَیْهِ.
یَا مَنْ
تَحَمّدَ إِلَى عِبَادِهِ بِالْإِحْسَانِ وَ الْفَضْلِ، وَ غَمَرَهُمْ بِالْمَنّ وَ
الطّوْلِ، مَا أَفْشَى فِینَا نِعْمَتَکَ، وَ أَسْبَغَ عَلَیْنَا مِنّتَکَ، وَ
أَخَصّنَا بِبِرّکَ
هَدَیْتَنَا لِدِینِکَ الّذِی اصْطَفَیْتَ، وَ مِلّتِکَ
الّتِی ارْتَضَیْتَ، وَ سَبِیلِکَ الّذِی سَهّلْتَ، وَ بَصّرْتَنَا الزّلْفَةَ
لَدَیْکَ، وَ الْوُصُولَ إِلَى کَرَامَتِکَ
اللّهُمّ وَ أَنْتَ جَعَلْتَ مِنْ
صَفَایَا تِلْکَ الْوَظَائِفِ، وَ خَصَائِصِ تِلْکَ الْفُرُوضِ شَهْرَ رَمَضَانَ
الّذِی اخْتَصَصْتَهُ مِنْ سَائِرِ الشّهُورِ، وَ تَخَیّرْتَهُ مِنْ جَمِیعِ
الْأَزْمِنَةِ وَ الدّهُورِ،
وَ آثَرْتَهُ عَلَى کُلّ أَوْقَاتِ السّنَةِ بِمَا
أَنْزَلْتَ فِیهِ مِنَ الْقُرْآنِ وَ النّورِ، وَ ضَاعَفْتَ فِیهِ مِنَ
الْإِیمَانِ، وَ فَرَضْتَ فِیهِ مِنَ الصّیَامِ، وَ رَغّبْتَ فِیهِ مِنَ
الْقِیَامِ، وَ أَجْلَلْتَ فِیهِ مِنْ لَیْلَةِ الْقَدْرِ الّتِی هِیَ خَیْرٌ مِنْ
أَلْفِ شَهْرٍ.
ثُمّ آثَرْتَنَا بِهِ عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ، وَ
اصْطَفَیْتَنَا بِفَضْلِهِ دُونَ أَهْلِ الْمِلَلِ، فَصُمْنَا بِأَمْرِکَ
نَهَارَهُ، وَ قُمْنَا بِعَوْنِکَ لَیْلَهُ، مُتَعَرّضِینَ بِصِیَامِهِ وَ
قِیَامِهِ لِمَا عَرّضْتَنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِکَ، وَ تَسَبّبْنَا إِلَیْهِ مِنْ
مَثُوبَتِکَ، وَ أَنْتَ الْمَلِیءُ بِمَا رُغِبَ فِیهِ إِلَیْکَ، الْجَوَادُ بِمَا
سُئِلْتَ مِنْ فَضْلِکَ، الْقَرِیبُ إِلَى مَنْ حَاوَلَ قُرْبَکَ.
وَ قَدْ
أَقَامَ فِینَا هَذَا الشّهْرُ مُقَامَ حَمْدٍ، وَ صَحِبَنَا صُحْبَةَ مَبْرُورٍ،
وَ أَرْبَحَنَا أَفْضَلَ أَرْبَاحِ الْعَالَمِینَ، ثُمّ قَدْ فَارَقَنَا عِنْدَ
تَمَامِ وَقْتِهِ، وَ انْقِطَاعِ مُدّتِهِ، وَ وَفَاءِ عَدَدِهِ.
فَنَحْنُ
مُوَدّعُوهُ وِدَاعَ مَنْ عَزّ فِرَاقُهُ عَلَیْنَا، وَ غَمّنَا وَ أَوْحَشَنَا
انْصِرَافُهُ عَنّا، وَ لَزِمَنَا لَهُ الذّمَامُ الْمَحْفُوظُ، وَ الْحُرْمَةُ
الْمَرْعِیّةُ، وَ الْحَقّ الْمَقْضِیّ، فَنَحْنُ قَائِلُونَ السّلَامُ عَلَیْکَ
یَا شَهْرَ اللّهِ الْأَکْبَرَ، وَ یَا عِیدَ أَوْلِیَائِهِ.
السّلَامُ عَلَیْکَ
یَا أَکْرَمَ مَصْحُوبٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ، وَ یَا خَیْرَ شَهْرٍ فِی الْأَیّامِ وَ
السّاعَاتِ.
السّلَامُ عَلَیْکَ مِنْ شَهْرٍ قَرُبَتْ فِیهِ الْآمَالُ، وَ
نُشِرَتْ فِیهِ الْأَعْمَالُ.
السّلَامُ عَلَیْکَ مِنْ قَرِینٍ جَلّ قَدْرُهُ
مَوْجُوداً، وَ أَفْجَعَ فَقْدُهُ مَفْقُوداً، وَ مَرْجُوٍّ آلَمَ
فِرَاقُهُ.
السّلَامُ عَلَیْکَ مِنْ أَلِیفٍ آنَسَ مُقْبِلًا فَسَرّ، وَ
أَوْحَشَ مُنْقَضِیاً فَمَضّ
السّلَامُ عَلَیْکَ مِنْ مُجَاوِرٍ رَقّتْ فِیهِ
الْقُلُوبُ، وَ قَلّتْ فِیهِ الذّنُوبُ.
السّلَامُ عَلَیْکَ مِنْ نَاصِرٍ
أَعَانَ عَلَى الشّیْطَانِ، وَ صَاحِبٍ سَهّلَ سُبُلَ الْإِحْسَانِ
السّلَامُ
عَلَیْکَ مَا أَکْثَرَ عُتَقَاءَ اللّهِ فِیکَ، وَ مَا أَسْعَدَ مَنْ رَعَى
حُرْمَتَکَ بِکَ
السّلَامُ عَلَیْکَ مَا کَانَ أَمْحَاکَ لِلذّنُوبِ، وَ
أَسْتَرَکَ لِأَنْوَاعِ الْعُیُوبِ
السّلَامُ عَلَیْکَ مَا کَانَ أَطْوَلَکَ
عَلَى الْمُجْرِمِینَ، وَ أَهْیَبَکَ فِی صُدُورِ الْمُؤْمِنِینَ
السّلَامُ
عَلَیْکَ مِنْ شَهْرٍ لَا تُنَافِسُهُ الْأَیّامُ.
السّلَامُ عَلَیْکَ مِنْ
شَهْرٍ هُوَ مِنْ کُلّ أَمْرٍ سَلَامٌ
السّلَامُ عَلَیْکَ غَیْرَ کَرِیهِ
الْمُصَاحَبَةِ، وَ لَا ذَمِیمِ الْمُلَابَسَةِ
السّلَامُ عَلَیْکَ کَمَا
وَفَدْتَ عَلَیْنَا بِالْبَرَکَاتِ، وَ غَسَلْتَ عَنّا دَنَسَ
الْخَطِیئَات
السّلَامُ عَلَیْکَ غَیْرَ مُوَدّعٍ بَرَماً وَ لَا مَتْرُوکٍ
صِیَامُهُ سَأَماً.
السّلَامُ عَلَیْکَ مِنْ مَطْلُوبٍ قَبْلَ وَقْتِهِ، وَ
مَحْزُونٍ عَلَیْهِ قَبْلَ فَوْتِهِ.
السّلَامُ عَلَیْکَ کَمْ مِنْ سُوءٍ صُرِفَ
بِکَ عَنّا، وَ کَمْ مِنْ خَیْرٍ أُفِیضَ بِکَ عَلَیْنَا
السّلَامُ عَلَیْکَ وَ
عَلَى لَیْلَةِ الْقَدْرِ الّتِی هِیَ خَیْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ
السّلَامُ
عَلَیْکَ مَا کَانَ أَحْرَصَنَا بِالْأَمْسِ عَلَیْکَ، وَ أَشَدّ شَوْقَنَا غَداً
إِلَیْکَ.
السّلَامُ عَلَیْکَ وَ عَلَى فَضْلِکَ الّذِی حُرِمْنَاهُ، وَ عَلَى
مَاضٍ مِنْ بَرَکَاتِکَ سُلِبْنَاهُ.
اللّهُمّ إِنّا أَهْلُ هَذَا الشّهْرِ
الّذِی شَرّفْتَنَا بِهِ، وَ وَفّقْتَنَا بِمَنّکَ لَهُ حِینَ جَهِلَ
الْأَشْقِیَاءُ وَقْتَهُ، وَ حُرِمُوا لِشَقَائِهِمْ فَضْلَهُ.
أَنْتَ وَلِیّ
مَا آثَرْتَنَا بِهِ مِنْ مَعْرِفَتِهِ، وَ هَدَیْتَنَا لَهُ مِنْ سُنّتِهِ، وَ
قَدْ تَوَلّیْنَا بِتَوْفِیقِکَ صِیَامَهُ وَ قِیَامَهُ عَلَى تَقْصِیرٍ، وَ
أَدّیْنَا فِیهِ قَلِیلًا مِنْ کَثِیرٍ.
اللّهُمّ فَلَکَ الْحَمْدُ إِقْرَاراً
بِالْإِسَاءَةِ، وَ اعْتِرَافاً بِالْإِضَاعَةِ، وَ لَکَ مِنْ قُلُوبِنَا عَقْدُ
النّدَمِ، وَ مِنْ أَلْسِنَتِنَا صِدْقُ الِاعْتِذَارِ، فَأْجُرْنَا عَلَى مَا
أَصَابَنَا فِیهِ مِنَ التّفْرِیطِ أَجْراً نَسْتَدْرِکُ بِهِ الْفَضْلَ
الْمَرْغُوبَ فِیهِ، وَ نَعْتَاضُ بِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الذّخْرِ الْمَحْرُوصِ
عَلَیْهِ.
وَ أَوْجِبْ لَنَا عُذْرَکَ عَلَى مَا قَصّرْنَا فِیهِ مِنْ حَقّکَ،
وَ ابْلُغْ بِأَعْمَارِنَا مَا بَیْنَ أَیْدِینَا مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ
الْمُقْبِلِ، فَإِذَا بَلّغْتَنَاهُ فَأَعِنّا عَلَى تَنَاوُلِ مَا أَنْتَ أَهْلُهُ
مِنَ الْعِبَادَةِ،
وَ أَدّنَا إِلَى الْقِیَامِ بِمَا یَسْتَحِقّهُ مِنَ
الطّاعَةِ، وَ أَجْرِ لَنَا مِنْ صَالِحِ الْعَمَلِ مَا یَکُونُ دَرَکاً لِحَقّکَ
فِی الشّهْرَیْنِ مِنْ شُهُورِ الدّهْرِ.
اللّهُمّ وَ مَا أَلْمَمْنَا بِهِ فِی
شَهْرِنَا هَذَا مِنْ لَمَمٍ أَوْ إِثْمٍ، أَوْ وَاقَعْنَا فِیهِ مِنْ ذَنْبٍ، وَ
اکْتَسَبْنَا فِیهِ مِنْ خَطِیئَةٍ عَلَى تَعَمّدٍ مِنّا، أَوْ عَلَى نِسْیَانٍ
ظَلَمْنَا فِیهِ أَنْفُسَنَا، أَوِ انْتَهَکْنَا بِهِ حُرْمَةً مِنْ غَیْرِنَا،
فَصَلّ عَلَى مُحَمّدٍ وَ آلِهِ، وَ اسْتُرْنَا بِسِتْرِکَ،
وَ اعْفُ عَنّا
بِعَفْوِکَ، وَ لَا تَنْصِبْنَا فِیهِ لِأَعْیُنِ الشّامِتِینَ، وَ لَا تَبْسُطْ
عَلَیْنَا فِیهِ أَلْسُنَ الطّاعِنِینَ، وَ اسْتَعْمِلْنَا بِمَا یَکُونُ حِطّةً وَ
کَفّارَةً لِمَا أَنْکَرْتَ مِنّا فِیهِ بِرَأْفَتِکَ الّتِی لَا تَنْفَدُ، وَ
فَضْلِکَ الّذِی لَا یَنْقُصُ.
اللّهُمّ صَلّ عَلَى مُحَمّدٍ وَ آلِهِ، وَ
اجْبُرْ مُصِیبَتَنَا بِشَهْرِنَا، وَ بَارِکْ لَنَا فِی یَوْمِ عِیدِنَا وَ
فِطْرِنَا، وَ اجْعَلْهُ مِنْ خَیْرِ یَوْمٍ مَرّ عَلَیْنَا أَجْلَبِهِ لِعَفْوٍ،
وَ أَمْحَاهُ لِذَنْبٍ، وَ اغْفِرْ لَنَا مَا خَفِیَ مِنْ ذُنُوبِنَا وَ مَا
عَلَنَ.
اللّهُمّ اسْلَخْنَا بِانْسِلَاخِ هَذَا الشّهْرِ مِنْ خَطَایَانَا، وَ
أَخْرِجْنَا بِخُرُوجِهِ مِنْ سَیّئَاتِنَا، وَ اجْعَلْنَا مِنْ أَسْعَدِ أَهْلِهِ
بِهِ، وَ أَجْزَلِهِمْ قِسْماً فِیهِ، وَ أَوْفَرِهِمْ حَظّاً مِنْهُ.
اللّهُمّ
وَ مَنْ رَعَى هَذَا الشّهْرَ حَقّ رِعَایَتِهِ، وَ حَفِظَ حُرْمَتَهُ حَقّ
حِفْظِهَا، وَ قَامَ بِحُدُودِهِ حَقّ قِیَامِهَا، وَ اتّقَى ذُنُوبَهُ حَقّ
تُقَاتِهَا، أَوْ تَقَرّبَ إِلَیْکَ بِقُرْبَةٍ أَوْجَبَتْ رِضَاکَ لَهُ، وَ
عَطَفَتْ رَحْمَتَکَ عَلَیْهِ، فَهَبْ لَنَا مِثْلَهُ مِنْ وُجْدِکَ، وَ أَعْطِنَا
أَضْعَافَهُ مِنْ فَضْلِکَ، فَإِنّ فَضْلَکَ لَا یَغِیضُ، وَ إِنّ خَزَائِنَکَ لَا
تَنْقُصُ بَلْ تَفِیضُ، وَ إِنّ مَعَادِنَ إِحْسَانِکَ لَا تَفْنَى، وَ إِنّ
عَطَاءَکَ لَلْعَطَاءُ الْمُهَنّا.
اللّهُمّ صَلّ عَلَى مُحَمّدٍ وَ آلِهِ، وَ
اکْتُبْ لَنَا مِثْلَ أُجُورِ مَنْ صَامَهُ، أَوْ تَعَبّدَ لَکَ فِیهِ إِلَى یَوْمِ
الْقِیَامَةِ.
اللّهُمّ إِنّا نَتُوبُ إِلَیْکَ فِی یَوْمِ فِطْرِنَا الّذِی
جَعَلْتَهُ لِلْمُؤْمِنِینَ عِیداً وَ سُرُوراً، وَ لِأَهْلِ مِلّتِکَ مَجْمَعاً وَ
مُحْتَشَداً مِنْ کُلّ ذَنْبٍ أَذْنَبْنَاهُ، أَوْ سُوءٍ أَسْلَفْنَاهُ، أَوْ
خَاطِرِ شَرٍّ أَضْمَرْنَاهُ، تَوْبَةَ مَنْ
لَا یَنْطَوِی عَلَى رُجُوعٍ إِلَى
ذَنْبٍ، وَ لَا یَعُودُ بَعْدَهَا فِی خَطِیئَةٍ، تَوْبَةً نَصُوحاً خَلَصَتْ مِنَ
الشّکّ وَ الِارْتِیَابِ، فَتَقَبّلْهَا مِنّا، وَ ارْضَ عَنّا، وَ ثَبّتْنَا
عَلَیْهَا.
اللّهُمّ ارْزُقْنَا خَوْفَ عِقَابِ الْوَعِیدِ، وَ شَوْقَ ثَوَابِ
الْمَوْعُودِ حَتّى نَجِدَ لَذّةَ مَا نَدْعُوکَ بِهِ، وَ کَأْبَةَ مَا
نَسْتَجِیرُکَ مِنْهُ.
وَ اجْعَلْنَا عِنْدَکَ مِنَ التّوّابِینَ الّذِینَ
أَوْجَبْتَ لَهُمْ مَحَبّتَکَ، وَ قَبِلْتَ مِنْهُمْ مُرَاجَعَةَ طَاعَتِکَ، یَا
أَعْدَلَ الْعَادِلِینَ.
اللّهُمّ تَجَاوَزْ عَنْ آبَائِنَا وَ أُمّهَاتِنَا وَ
أَهْلِ دِینِنَا جَمِیعاً مَنْ سَلَفَ مِنْهُمْ وَ مَنْ غَبَرَ إِلَى یَوْمِ
الْقِیَامَةِ.
اللّهُمّ صَلّ عَلَى مُحَمّدٍ نَبِیّنَا وَ آلِهِ کَمَا صَلّیْتَ
عَلَى مَلَائِکَتِکَ الْمُقَرّبِینَ، وَ صَلّ عَلَیْهِ وَ آلِهِ کَمَا صَلّیْتَ
عَلَى أَنْبِیَائِکَ الْمُرْسَلِینَ، وَ صَلّ عَلَیْهِ وَ آلِهِ کَمَا صَلّیْتَ
عَلَى عِبَادِکَ الصّالِحِینَ، وَ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِکَ یَا رَبّ الْعَالَمِینَ،
صَلَاةً تَبْلُغُنَا بَرَکَتُهَا، وَ یَنَالُنَا نَفْعُهَا، وَ یُسْتَجَابُ لَهَا
دُعَاؤُنَا، إِنّکَ أَکْرَمُ مَنْ رُغِبَ إِلَیْهِ، وَ أَکْفَى مَنْ تُوُکّلَ
عَلَیْهِ، وَ أَعْطَى مَنْ سُئِلَ مِنْ فَضْلِهِ، وَ أَنْتَ عَلَى کُلّ شَیْءٍ
قَدِیرٌ.